فقراء الملــــوك
محمد العاقب النويري (العفيف)
«ساسنا الباني نويري الحضرة أبو القيماني ، وبيك نكرم»، هكذا كان يترنم الشيخ الوديع ــ رحمه الله ــ حفيد الشيخ النويري في مجلسه العامر بأهله مذكراً إياهم بمآثر جدهم ومحفزاً لهم للتأسي به وكل ذلك في نغم وجداني يبعث في النفس الاعتزاز والاهتزاز، فباعث الاعتزاز ما تحمله المباني من معانٍ، وباعث الاهتزاز ما تحمله المعاني من مبانٍ.
فالمعنى يحمل في طياته سِجِلاً حافلاً بكل ما يكون مدعاة للفخر، والمبنى مفردات تناغمت في إيقاع تجعل سامعه يهتز طرباً وسروراً.
وما يهمنا هنا هو الجانب التوثيقي الوارد في القصيدة الذي كان يذكره الشيخ الوديع كلما ألقيت هذه القصيدة والتي قبلها بعنوان «البحرُكرب» إذ القصيدتان توثيقيتان لقرية لها الفضل على سائر أهل السودان ، فالمحاور التي يتحدث عنها الشيخ لم تتحدث عنها كتب التاريخ التي تحدثت عن هذه القرية، ولقد استقى الشيخ معلوماته عن آبائه وأجداده، وبما فتح الله عليه من علمِ. فالمصادر التي تحدثت عن القرية لم تذكر إلا النذر اليسير من مجد تليد وتاريخ ناصع؛ ولكن ما ذكرته تلك المصادر مهم، وسنجعله ناصية حديثنا التوثيقي هذا.
لقد ذكر ود ضيف الله في طبقاته أن الشيخ النويري من قرية الفقرا ينسب إلى قبيلة العركيين وقد تولى القضاء في دولة الفونج، ولقد ذكر الدكتور يوسف فضل في مجلة «البيان» الكويتية : «إن الشيخ النويري من الأوائل الذين أسسوا للقضاء في السودان».
أما الشيخ الوديع ــ طيب الله ثراه ــ فقد تحدث عن محاور منها نسب الشيخ النويري، وسبب تسمية قريته التي أسسها «بالفقرا».
أما نسبه فهو الشيخ عبدالرحمن الملقب بــ «النويري» بن السيد محمد «مشيخ» بن السيد نافع بن السيد محمد بن السيد سلامة بن السيد بدر بن السيد حسن بن السيد أحمد بن السيد عامر بن السيد حسين بن السيد إسماعيل بن السيد إبراهيم ابن السيد الإمام موسى الكاظم بن السيد الإمام جعفر الصادق بن السيد الإمام محمد الباقر بن السيد الإمام علي زين العابدين بن السبط الإمام أبي عبدالله الحسين شهيد كربلاء ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
وهذا النسب حققه الشيخ عبدالله العركي عند رحلته للحجاز وتوليه التدريس بالحرمين المكي والمدني، وفي هذا منتهى الفخر والإعزاز الذي عبر عنه الشيخ عبدالله محمد يونس بقوله:
1- إذَا افْتَخَرَ المْثُرْوُنَ بِالْمَالِ والْغِنَى فبالعلم والآداب فخري ولا عجب
2- لِيَ الْفَخرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ يُرَى لَهُمْ
نظير وهم سادوا الورى وهم الشهب
3- وَنِسْبَتُهُمْ يَاصَاحِ عُلْيَا لِأنَّهُ
إلى زين عباد الورى ينتهي العقب
والشيخ النويري يعتبر بهذا النسب عما للمشهورين «بالخمسة العدول» ومنهم الشيخ عبدالله العركي آنف الذكر، الذي كثيراً ما يجيءُ ذكره مقترناً بالشيخ النويري لاتحاد عصرهم.
وقد سمعت الشيخ الوديع كثيراً ما يقول : « إن الشيخ عبدالباقي أزرق طيبة» عندما يأتي لزيارة قرية الفقراء لا ينتعل فسُئل عن ذلك فأجاب قائلاً:عسى ولعل تصيبني تربة أو حصى وطئها جدي الشيخ عبدالرحمن النويري.
وقد ألف الشيخ عبدالله محمد يونس بعض قصائده عندما كان مقيماً بها حيث قال:
أقام بحلة ــ الفقراء ــ يرجو الز يارة للحمى وشفى السقام
فقد ذكر لنا الشيخ الوديع ــ رحمه الله ــ متحدثاً عن حقبة تاريخية لجميع السودان قبل خمسمائة عام ــ حين كانت الدولة في السودان تسمى بدولة الفونج التي يتعاقب عليها حكام يسمى الواحد منهم بالمك إلى أن جاء المك عجيب المانجلك الذي اشتهر بالعلم والصلاح والشرف، وكانت له مع الشيخ النويري علاقة خاصة قوامها الحب في الله، حتى عيَّنه قاضياً لدولته، وبذلك يعتبر الشيخ النويري أول من وضع اللبنات الأولى للقضاء في تاريخ القضاء السوداني .
ومن الأنظمة المتبعة في ذلك الزمان لتجييش الجيوش حملة يقوم بها المك لجلب الرجال من مواطنهم وتسمى بــ «الطلب» وهي ما تعرف «بالخدمة الإلزامية» في تاريخنا المعاصر وقد اعترض الشيخ النويري عند طلب مواطني قريته وقال: ( إن مواطني هذه القرية «فقرا») وكلمة فقرا تعني عندهم طلاب العلم والقرآن، فقبل الملك ذلك على مضض ومن حينها صارت القرية تعرف بــ «الفقراء» بعد أن كانت تعرف بأربجي في ذلك الزمن القديم.
ولعل المآثر كفيلة بأن تحفز القائمين على إصدارة «قريتي» من أبناء الفقراء بالمضي قُدماً بالنهوض بالقرية علمياً وثقافياً واجتماعياً ،لأن هذا الإرث مخزون لمن جدَّ السرى وحث الخُطا، ولعمري لا يحتاج إلى عناء (قلَّ أو ينعدم تعب وارث) وأنما الجد في المحافظة على الموروث فهنيئاً لكم أهل القرية وهنيئاً لنا بكم ولا يسعنا إلا أن نقول:
ساسنا الباني نويري الحضرة وأبو القيماني وبيك نكرم
تم نقله
محمد العاقب النويري (العفيف)
«ساسنا الباني نويري الحضرة أبو القيماني ، وبيك نكرم»، هكذا كان يترنم الشيخ الوديع ــ رحمه الله ــ حفيد الشيخ النويري في مجلسه العامر بأهله مذكراً إياهم بمآثر جدهم ومحفزاً لهم للتأسي به وكل ذلك في نغم وجداني يبعث في النفس الاعتزاز والاهتزاز، فباعث الاعتزاز ما تحمله المباني من معانٍ، وباعث الاهتزاز ما تحمله المعاني من مبانٍ.
فالمعنى يحمل في طياته سِجِلاً حافلاً بكل ما يكون مدعاة للفخر، والمبنى مفردات تناغمت في إيقاع تجعل سامعه يهتز طرباً وسروراً.
وما يهمنا هنا هو الجانب التوثيقي الوارد في القصيدة الذي كان يذكره الشيخ الوديع كلما ألقيت هذه القصيدة والتي قبلها بعنوان «البحرُكرب» إذ القصيدتان توثيقيتان لقرية لها الفضل على سائر أهل السودان ، فالمحاور التي يتحدث عنها الشيخ لم تتحدث عنها كتب التاريخ التي تحدثت عن هذه القرية، ولقد استقى الشيخ معلوماته عن آبائه وأجداده، وبما فتح الله عليه من علمِ. فالمصادر التي تحدثت عن القرية لم تذكر إلا النذر اليسير من مجد تليد وتاريخ ناصع؛ ولكن ما ذكرته تلك المصادر مهم، وسنجعله ناصية حديثنا التوثيقي هذا.
لقد ذكر ود ضيف الله في طبقاته أن الشيخ النويري من قرية الفقرا ينسب إلى قبيلة العركيين وقد تولى القضاء في دولة الفونج، ولقد ذكر الدكتور يوسف فضل في مجلة «البيان» الكويتية : «إن الشيخ النويري من الأوائل الذين أسسوا للقضاء في السودان».
أما الشيخ الوديع ــ طيب الله ثراه ــ فقد تحدث عن محاور منها نسب الشيخ النويري، وسبب تسمية قريته التي أسسها «بالفقرا».
أما نسبه فهو الشيخ عبدالرحمن الملقب بــ «النويري» بن السيد محمد «مشيخ» بن السيد نافع بن السيد محمد بن السيد سلامة بن السيد بدر بن السيد حسن بن السيد أحمد بن السيد عامر بن السيد حسين بن السيد إسماعيل بن السيد إبراهيم ابن السيد الإمام موسى الكاظم بن السيد الإمام جعفر الصادق بن السيد الإمام محمد الباقر بن السيد الإمام علي زين العابدين بن السبط الإمام أبي عبدالله الحسين شهيد كربلاء ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
وهذا النسب حققه الشيخ عبدالله العركي عند رحلته للحجاز وتوليه التدريس بالحرمين المكي والمدني، وفي هذا منتهى الفخر والإعزاز الذي عبر عنه الشيخ عبدالله محمد يونس بقوله:
1- إذَا افْتَخَرَ المْثُرْوُنَ بِالْمَالِ والْغِنَى فبالعلم والآداب فخري ولا عجب
2- لِيَ الْفَخرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ يُرَى لَهُمْ
نظير وهم سادوا الورى وهم الشهب
3- وَنِسْبَتُهُمْ يَاصَاحِ عُلْيَا لِأنَّهُ
إلى زين عباد الورى ينتهي العقب
والشيخ النويري يعتبر بهذا النسب عما للمشهورين «بالخمسة العدول» ومنهم الشيخ عبدالله العركي آنف الذكر، الذي كثيراً ما يجيءُ ذكره مقترناً بالشيخ النويري لاتحاد عصرهم.
وقد سمعت الشيخ الوديع كثيراً ما يقول : « إن الشيخ عبدالباقي أزرق طيبة» عندما يأتي لزيارة قرية الفقراء لا ينتعل فسُئل عن ذلك فأجاب قائلاً:عسى ولعل تصيبني تربة أو حصى وطئها جدي الشيخ عبدالرحمن النويري.
وقد ألف الشيخ عبدالله محمد يونس بعض قصائده عندما كان مقيماً بها حيث قال:
أقام بحلة ــ الفقراء ــ يرجو الز يارة للحمى وشفى السقام
فقد ذكر لنا الشيخ الوديع ــ رحمه الله ــ متحدثاً عن حقبة تاريخية لجميع السودان قبل خمسمائة عام ــ حين كانت الدولة في السودان تسمى بدولة الفونج التي يتعاقب عليها حكام يسمى الواحد منهم بالمك إلى أن جاء المك عجيب المانجلك الذي اشتهر بالعلم والصلاح والشرف، وكانت له مع الشيخ النويري علاقة خاصة قوامها الحب في الله، حتى عيَّنه قاضياً لدولته، وبذلك يعتبر الشيخ النويري أول من وضع اللبنات الأولى للقضاء في تاريخ القضاء السوداني .
ومن الأنظمة المتبعة في ذلك الزمان لتجييش الجيوش حملة يقوم بها المك لجلب الرجال من مواطنهم وتسمى بــ «الطلب» وهي ما تعرف «بالخدمة الإلزامية» في تاريخنا المعاصر وقد اعترض الشيخ النويري عند طلب مواطني قريته وقال: ( إن مواطني هذه القرية «فقرا») وكلمة فقرا تعني عندهم طلاب العلم والقرآن، فقبل الملك ذلك على مضض ومن حينها صارت القرية تعرف بــ «الفقراء» بعد أن كانت تعرف بأربجي في ذلك الزمن القديم.
ولعل المآثر كفيلة بأن تحفز القائمين على إصدارة «قريتي» من أبناء الفقراء بالمضي قُدماً بالنهوض بالقرية علمياً وثقافياً واجتماعياً ،لأن هذا الإرث مخزون لمن جدَّ السرى وحث الخُطا، ولعمري لا يحتاج إلى عناء (قلَّ أو ينعدم تعب وارث) وأنما الجد في المحافظة على الموروث فهنيئاً لكم أهل القرية وهنيئاً لنا بكم ولا يسعنا إلا أن نقول:
ساسنا الباني نويري الحضرة وأبو القيماني وبيك نكرم
تم نقله
الأربعاء يوليو 18, 2018 2:35 am من طرف Admin
» معتوق غرب ا لجزيرة في العدسة
الخميس يوليو 27, 2017 3:04 am من طرف Admin
» سفلتا طريق 24القرشي قنيدة
الأربعاء يوليو 05, 2017 5:01 pm من طرف Admin
» مساهمات ابناء القرية لتنمية وصيانه المدرسة الابتداية
الجمعة يونيو 16, 2017 7:07 pm من طرف Admin
» تطور منطقة معتوق
الأربعاء مارس 23, 2016 2:43 pm من طرف Admin
» عيدية لكل ابناء القرية وخاصة اعضاء المنتدى الاوفياء
الثلاثاء أكتوبر 15, 2013 4:26 am من طرف Admin
» الشيخ عبدالرحمن بن مشيخ (النويري)
الإثنين يونيو 03, 2013 1:47 pm من طرف Admin
» علامات الساعه والقصه الكامله
السبت أكتوبر 06, 2012 6:33 am من طرف عبد الله
» مجا دعه بين ابن وابوه
الإثنين أبريل 30, 2012 1:46 am من طرف ياسين المهدي
» قصة باللغة الانجليزية
الإثنين أبريل 30, 2012 1:42 am من طرف ياسين المهدي
» معتوق العصر
الأحد أبريل 08, 2012 1:10 am من طرف Admin
» الاسلام في الغـــــــــــــــرب!!! وقصه لندن الشهيره
الثلاثاء أبريل 03, 2012 4:56 pm من طرف أم مؤمن
» القبض والسدل في الصلاة
الأربعاء مارس 21, 2012 8:16 pm من طرف Admin
» عمل اختصارات علي سطح المكتب
الأحد مارس 18, 2012 10:34 pm من طرف ياسين المهدي
» تهئة للعريس ود المبارك
الثلاثاء فبراير 14, 2012 3:02 am من طرف أم مؤمن
» اسئلة واجوبة تنفع في الدنيا والاخرة
الثلاثاء فبراير 14, 2012 2:59 am من طرف أم مؤمن
» فقراء لكنهم اغنياء
الأحد يناير 29, 2012 8:12 pm من طرف Admin
» اسمع كلام امك تعال الغربة ماها كنز قروش
الثلاثاء يناير 24, 2012 9:10 pm من طرف أم مؤمن
» نسب العركيين
الإثنين يناير 23, 2012 4:19 am من طرف ودالحسن العركي
» مرحبتين بلدنا حبابا
الأحد يناير 22, 2012 8:09 pm من طرف أم مؤمن